السيدة صباح زريقات رائدة في مسيرة التعليم الدامج والإنساني

فيينا دعاء أبوسعدة

0 217

عندما يتحول الشغف إلى رسالة

في عالمٍ تمتلئ فيه التحديات وتتفاوت فيه الفرص، هناك أشخاص لا يكتفون برؤية الفجوات، بل يسعون إلى سدّها بجهودهم، ورؤيتهم، وإصرارهم. السيدة صباح زريقات واحدة من هؤلاء القادة، الذين لم يكن التعليم بالنسبة لهم مجرد مهنة، بل رسالة إنسانية متكاملة، تمزج بين العطاء والإصرار على التغيير. إنها المرأة التي وقفت في وجه العوائق الاجتماعية والثقافية، لتفتح أبواب المعرفة أمام الطلاب المكفوفين وضعاف البصر، جنبًا إلى جنب مع أقرانهم المبصرين، إيمانًا منها بأن التعليم ليس امتيازًا، بل حقٌّ للجميع.

من الرؤية إلى الإنجاز تأسيس المدرسة الأسقفية العربية

عندما بدأت صباح زريقات رحلتها في تأسيس المدرسة الأسقفية العربية عام 2003، كانت تحمل في قلبها إيمانًا عميقًا بأن التعليم الدامج هو المفتاح لمستقبل أكثر إنصافًا. لم يكن الطريق سهلًا، فالثقافة المجتمعية والتحديات اللوجستية والاقتصادية كانت تقف عقبة في طريق هذا المشروع الطموح. لكن مع كل تحدٍّ، كانت صباح ترى فرصة، ومع كل عقبة، كانت تجد حلًّا.

اليوم، أصبحت المدرسة الأسقفية نموذجًا يُحتذى به في الشرق الأوسط، حيث توفر بيئة تعليمية متكاملة تجمع بين المبصرين وذوي الإعاقة البصرية، في نموذج فريد يعزز التكافل والتعاون منذ الطفولة.

التعليم الدامج أكثر من مجرد منهج دراسي

لم يكن حلم صباح زريقات مجرد توفير مقاعد دراسية للطلاب المكفوفين، بل كان أعمق من ذلك بكثير. فقد عملت على تطوير مناهج تعليمية مبتكرة، وتوفير أدوات مساعدة مثل كتب برايل وأجهزة تكبير الصور، بل وسعت إلى تغيير المفاهيم المجتمعية حول الإعاقة، وإقناع الأهالي بأن أبناءهم المكفوفين ليسوا عبئًا، بل أفرادًا قادرين على تحقيق الإنجازات، إذا ما أُعطيت لهم الفرصة.

رحلة التقدير والاعتراف الدولي

لم يقتصر تأثير السيدة صباح على الأردن فقط، بل امتد ليحظى بتقدير عالمي، من خلال مشاركتها في مؤتمرات ومنصات دولية، كان أبرزها مؤتمر Zero Project، الذي يركز على الابتكارات الداعمة للأشخاص ذوي الإعاقة. في عام 2020، حصدت المدرسة الأسقفية العربية جائزة مرموقة تقديرًا لجهودها في تعزيز التعليم الدامج، مما عزز مكانتها كمؤسسة رائدة في هذا المجال.

رسالة لا تنتهي نحو مستقبل أكثر إشراقًا

رؤية صباح زريقات لا تتوقف عند ما تم تحقيقه، بل تتطلع دومًا إلى المزيد. فهي تسعى الآن إلى توسيع نطاق التعليم الدامج ليشمل التدريب المهني، وضمان أن يكون للطلاب المكفوفين مستقبل مستدام بعد إنهاء تعليمهم المدرسي. إنها تؤمن بأن التحديات لا يجب أن تكون عائقًا، بل دافعًا للابتكار والإبداع.

ختام : أثرٌ لا يُمحى

ليست كل القصص تُكتب بالحبر، فبعضها يُسطر في قلوب الناس وأرواحهم. قصة السيدة صباح زريقات ليست مجرد حكاية نجاح فردي، بل هي شهادة على قوة الإيمان بالتغيير، وإرادة المرأة القادرة على صنع الفرق. لقد أضاءت درب العلم والمعرفة أمام مئات الطلاب، وستظل بصمتها محفورة في مستقبل كل طفل منحت له فرصة عادلة للتعليم، لتكون بذلك نموذجًا يُلهم الأجيال القادمة، ويؤكد أن العطاء الحقيقي لا يعرف حدودًا.

مصر عادى
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.