العربية… حين تتكلم الحضارة بلغة الخلود البيت العربي النمساوي يحتفي باليوم العالمي للغة العربية في فيينا

فيينا دعاء أبوسعدة

0 38

 

في أمسيةٍ ثقافيةٍ تماهى فيها الفكر مع الجمال، والكلمة مع النغم،

أقام البيت العربي النمساوي للثقافة والفنون برئاسة الكاتب الصحفي محمد عزّام احتفاله السنوي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، في فيينا، وسط حضور دبلوماسي وثقافي رفيع، عكس المكانة الرمزية والإنسانية للغة العربية بوصفها لغة حضارة وهوية ورسالة إنسانية ممتدة عبر الزمن.

وافتتح الحفل سعادة السفير محمد نصر، سفير جمهورية مصر العربية لدى النمسا والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا، والرئيس الحالي لمجلس السفراء العرب، مؤكدًا في كلمته أن اللغة العربية لم تكن يومًا مجرد وسيلة للتخاطب، بل كانت ولا تزال وعاءً للفكر الإنساني، وحافظةً للهوية، وجسرًا حضاريًا ربط بين الشعوب والثقافات.

وأوضح أن العربية حملت عبر قرون طويلة أمانة نقل العلوم والمعارف، وأسهمت إسهامًا جوهريًا في النهضة الأوروبية، حين كانت مؤلفات العلماء العرب منارةً للعلم والفلسفة والطب والفلك، ومفتاحًا للانتقال من عصور الظلام إلى التنوير.

وأشار السفير نصر إلى ما تتمتع به اللغة العربية من ثراء لغوي وقدرة فريدة على التجدد، جعلتها لغة حيّة قادرة على مواكبة العصر دون أن تفقد أصالتها،

مشددًا على أن مسؤولية النهوض بها تقع على عاتق الجميع، أفرادًا ومؤسسات، خاصة في مجتمعات المهجر، حيث تبرز أهمية ترسيخ اللغة في وجدان الأطفال والشباب من أبناء الجاليات العربية، حفاظًا على هويتهم وتعزيزًا لانتمائهم لأوطانهم وثقافتهم. كما ثمّن الدور الثقافي الرائد الذي تقوم به المؤسسات العربية في النمسا، مؤكدًا دعم مجلس السفراء العرب لكافة الجهود الصادقة الرامية إلى صون اللغة العربية ونشرها.

وشهد الاحتفال حضورًا دبلوماسيًا وثقافيًا لافتًا، ضمّ السفير الدكتور رحمن جوذري القائم بالأعمال المؤقت لسفارة جمهورية العراق، والسفير حسن خضور سفير الجمهورية العربية السورية والمندوب الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ، والمستشار محمد البحيري قنصل جمهورية مصر العربية، والقنصل السوداني جمال عوض، والدكتور خالد أبو شنب المستشار الثقافي ومدير مكتب مصر للعلاقات الثقافية والتعليمية في فيينا وشرق أوروبا، والأستاذ نادر رفعت السكرتير الثاني بالسفارة المصرية.

وتحوّل الحفل إلى مساحةٍ إبداعيةٍ نابضة، حيث قُدّمت قراءات شعرية ونصوص أدبية عبّرت عن عمق اللغة العربية وجمالياتها الفلسفية، شارك فيها المترجم المعتمد لدى السفارة المصرية، والفنانة نور كيالي، ونوران الحمصي، والدكتورة إشراق مصطفى حامد، بمصاحبة موسيقية على آلة العود قدّمها الفنان واكد الشوافي، في لوحة فنية جسّدت انسجام الكلمة مع الموسيقى، واللغة مع الإحساس.

وفي كلمته، أكد الكاتب الصحفي محمد عزّام، رئيس البيت العربي النمساوي للثقافة والفنون، أن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية ليس مناسبةً شكلية، بل هو موقف ثقافي واعٍ، ورسالة حضارية تؤمن بأن اللغة العربية كائن حيّ، لا يعيش بالحفظ وحده، بل بالإبداع والتجدد والانفتاح على الآخر.

وأوضح أن البيت العربي النمساوي يسعى لأن يكون جسرًا ثقافيًا بين العرب وأوروبا، ومنصةً تلتقي فيها الدبلوماسية بالثقافة، والفن بالفكر، والتراث بالحداثة.

وأضاف عزّام أن اللغة العربية، بما تحمله من عمق فلسفي وجمالي، قادرة على تقديم صورة حضارية مشرقة عن الإنسان العربي في الغرب، وعلى فتح مساحات للحوار والتفاهم الإنساني،

مشددًا على أن الاستثمار الحقيقي في اللغة يبدأ من الأجيال الجديدة، عبر تحويلها من مادة تعليمية جامدة إلى تجربة حيّة تُعاش بالفن والأدب والموسيقى. واختتم كلمته بالتأكيد على أن العربية ستظل لغة قادرة على البقاء والتأثير ما دامت تُحتفى بها بوصفها لغة حياة، لا لغة ماضٍ فقط.

هكذا جاء احتفال البيت العربي النمساوي باليوم العالمي للغة العربية إعلانًا ثقافيًا بأن العربية، رغم تعاقب الأزمنة وتغيّر السياقات، ما زالت لغة الفكر والجمال والهوية، وحضورًا إنسانيًا لا يغيب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.