في قلب فيينا… السفير مجدي مفضل يحشد المنابر الدولية لنصرة السودان: دبلوماسية الألم والأمل
فيينا – دعاء أبوسعدة
في وقتٍ تتصاعد فيه رياح الأزمة السودانية وتتعمق معاناة الملايين في الداخل، يواصل السفير مجدي مفضّل النور، سفير السودان لدى النمسا والمندوب الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، العمل على خط المواجهة الدبلوماسية، مستثمرًا المنصات الدولية في العاصمة النمساوية لتكون مرآة تعكس مأساة بلاده، ومنبرًا لمناشدة العالم من أجل التدخل المسؤول.
وفي مؤتمر صحفي عقد اليوم بمقر البعثة السودانية، وبحضور نخبة من الإعلاميين والدبلوماسيين، رسم السفير مفضل صورة قاتمة ولكن صادقة عن الواقع الإنساني في السودان، متناولًا الانتهاكات الواسعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع بحق المدنيين، واستهدافها المنهجي للبنية التحتية، في ما وصفه بـ”حرب الإبادة الصامتة .
السودان: من خارطة التنمية إلى جغرافيا الدمار
أشار السفير إلى أن السودان كان يمتلك قبل اندلاع الحرب أكثر من 27 مصنعًا للأدوية، لكنها اليوم إما مدمرة أو منهوبة بالكامل. كما لحقت أضرار جسيمة بمستشفيات الأورام والمراكز القومية للسرطان، والمختبرات الوطنية للصحة العامة، ومعامل البحوث الزراعية والثروة الحيوانية. مؤسساتٌ تمثل روح الدولة، استُهدفت عمدًا في محاولة لقطع شرايين الحياة عن السودانيين.
وأكد أن هذه الاعتداءات، التي طالت منشآت مدنية وخدمية مثل المطارات ومحطات المياه والكهرباء، تندرج في إطار سياسة متعمدة لتفكيك الدولة، وتجويع الشعب، وإطالة أمد الفوضى.
صوت السودان في المنظمات الدولية: لا نريد شفقة.. بل شراكة في إعادة البناء
وفي استعراض دقيق للجهود السودانية في المحافل الدولية، أوضح السفير أن البعثة السودانية في فيينا تعمل على تقديم أوراق إحاطة دورية للبعثات الدبلوماسية، وتنظيم فعاليات جانبية على هامش المؤتمرات الدولية، من أجل تسليط الضوء على حجم الدمار واحتياجات السودان الملحة في مجالات مثل الصحة، الصناعة، الطاقة، مكافحة المخدرات، العدالة الجنائية، ومكافحة الفساد.
كما دعا السفير إلى تقديم العون الفني والتقني، وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة، من خلال الشراكات لا عبر المساعدات المشروطة. وأبرز أهمية دعم هيئة الطاقة الذرية، مستشفى الخرطوم للأورام، مركز أبحاث الفضاء، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وغيرهم من المؤسسات الحيوية.
دبلوماسية الاستحقاق.. لا الاستجداء
وأكد السفير أن السودان لا يطلب “شفقة سياسية”، بل شراكة مسؤولة، مشددًا على أن بلاده تسعى لترسيخ علاقات تقوم على تبادل المصالح والاحترام المتبادل، لا على المساعدات الموسمية أو البيانات الدبلوماسية الباهتة.
وقال السودان لا يسقط.. ولكنه ينزف. ونحن هنا لنُذكّر العالم بأن صمته لا يُعفيه من المسؤولية الأخلاقية .
بين الحرب والدبلوماسية… خطوات لاستعادة المكانة
كما استعرض السفير ترشيحات السودان لمناصب قيادية داخل منظمات مثل اليونيدو ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، في رسالة سياسية واضحة بأن السودان لا يزال فاعلًا دوليًا، رغم جراحه. وأكد أن الخرطوم ما تزال تؤمن بالدبلوماسية كطريق للنجاة، و”بالكلمة كأقوى سلاح في وجه الرصاص.
رسالة ختامية: أنقذوا الإنسان في السودان قبل أن تنقرض الإنسانية من حوله
في ختام كلمته، وجّه السفير نداءً للمجتمع الدولي، قائلا إذا كانت العواصم تكتفي ببيانات القلق، فإننا هنا نحمل لفيينا – بكل ما تمثله من عقلانية أممية – رسالة مختلفة ساعدونا لا لأننا ضعفاء، بل لأن الصمت على هذا الظلم سيعيد إنتاجه في أماكن أخرى