مصر… حين تنتصر الفكرة على السيف

فيينا دعاء أبوسعدة

0 13

في السادس من أكتوبر، لا تكتفي مصر بالاحتفال بذكرى نصرٍ عسكري إنها تحتفل بانتصار فكرةٍ خالدة على قوانين المادة والزمن. ففي هذا اليوم، انتصر الوعي على الخوف، والإرادة على القدر، والإنسان على المستحيل. ذلك اليوم لم يكن معركةً بالسلاح وحده، بل كان اختبارًا للروح — هل تقدر أمةٌ على أن تُعيد تعريف نفسها بعد أن حاول العالم أن يمحوها؟ وكانت الإجابة: نعم، نحن مصر.

فمصر ليست وطنًا يعيش في التاريخ، بل تاريخًا يعيش في وطن. تتبدل الأزمنة، وتتناوب عليها الرياح، لكنها تبقى، لأنها وُجدت لا لتُحكم، بل لتُعلّم. كلما ظن الأعداء أن مكائدهم ستنال منها، تخرج من الرماد أكثر نقاءً، ومن الألم أكثر وعيًا، وكأن الجرح ذاته وقودها الأزلي.

إن ما تتعرض له مصر اليوم من مؤامراتٍ خفية، وحروبٍ ناعمة تُدار بالعقول لا بالرصاص، ليس جديدًا على أرضٍ علّمت البشرية معنى الصبر. فالتاريخ يعيد المشهد ذاته بأسماءٍ مختلفة دائمًا هناك من يخطط لإسقاطها، ودائمًا هناك من يقف في وجه العاصفة، يرفع علمها في وجه الريح ويقول “لن تسقط”.

ذلك السر الذي يحمي مصر لا يُرى بالعين، بل يُدرك بالبصيرة. 

إنه شعبها — هذا الشعب الذي خُلق من طمي النيل وملح العرق، لا يركع إلا لله، ولا يبايع إلا الحياة. التفافه حول وطنه ورئيسه عبد الفتاح السيسي ليس انفعالًا سياسيًا، بل هو فعل وعيٍ جمعي، إدراكٌ بأن الوطن ليس قطعة أرضٍ تُدار، بل معنى يُحيا.

مصر، تلك التي واجهت الغزاة على ضفتي التاريخ، لا تنتصر لأنها الأقوى عددًا، بل لأنها الأصدق نيةً. في كل مؤامرةٍ تُحاك ضدها، تُعيد اكتشاف ذاتها، وتخرج للعالم بثوبٍ جديد من الكبرياء. وكأنها كلما واجهت الموت، اكتشفت أن الخلود قدرها الذي لا فكاك منه.

في عيد النصر، تُلقي مصر سلامها على أبنائها الشهداء، وتُحيي بعيونها جيشها الذي ما زال يحمل المعنى ذاته  

أن الكرامة لا تُهدى، والسيادة لا تُستعطى، وأن كل طلقةٍ في سبيل الوطن هي آيةٌ تُتلى في كتاب الخلود.

ستبقى مصر، كما شاءت السماء، فكرةً لا تنكسر، وسرًّا لا يُفك شفرته. من يقترب منها يحترق، ومن يؤمن بها يُبعث فيها من جديد. هي لا تكتب التاريخ… بل هي التاريخ ذاته حين ينهض من رماده ليقول للعالم:

“أنا مصر… ومن أراد أن يفهم معنى البقاء، فليقرأني.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.