من المعلوم سياسياً أنّ ( المعارضة ) هي مُرتكز الديموقراطية، أو هي ( ملح الديموقراطية ) كما يحلو لمفكرنا البحريني الفذ الدكتور/ علي فخرو -أطال الله في عمره- أن يُسمّيها، وقال ذات أمسية في محاضرةٍ له: ( برلمان بدون معارضة برلمان ماسخ ). !
ولذلك أليس من المفترض أن يكون كل نائب في البرلمان ( معارض ) بما تمليه عليه طبيعة وظيفته السياسية، لأنه يسعى إلى نقد وتصويب أداء السلطات الثلاث.؟
إذن لماذا يخشى أو يستنكف بعض النواب من وصفه ب ( المعارض والمعارضة ) ويتبرّأ من هذا الوصف الذي يراه مُشينا ومسيئاً له،
هل لأن بعض الأشخاص أساؤوا استخدام نهج المعارضة وسبّبوا الضرر لبعض الدول والمجتمعات ؟ أو أن بعض الدول شوّهت المعنى السياسي للمعارضة وصوّرت جميع أشكال المعارضة على انها ممارسات سلبية لإحداث الضرر والتخريب في الدولة، مع انّ المعارضة في جوهرها ممارسة ( إيجابية) عندما تسعى إلى إصلاح الخلل في مؤسسات الدولة بالطرق السلمية المشروعة من خلال ( الرقابة والتشريع) التي هي الوظيفة الأصيلة للبرلمان. ؟!!
يقول بعض فقهاء السياسة و القانون:
( لا يمكن تصور وجود ديمقراطية بدون وجود معارضة ، وبالتالي فإن حق التمتع بكامل الحرية في ممارسة نشاطات المعارضة السياسية بما في ذلك طرح أفكارها وبرامجها السياسية المخالفة لفكر ونهج منظومة السلطة بصورة سلمية، يُعد من الحقوق المدنية والسياسية التي يكفلها الدستور ).
وأنا أرى أن مهنة العمل النيابي مهنة ذات طابع سياسي وتشريعي بحت، وفي جانبها السياسي لابد ان يكون النائب ( معارض ) ضمن إطار المعارضة الإيجابية والبناءة التي تتقصى الأخطاء والمخالفات والتجاوزات في ( السلطات الثلاث ) وتحاول إصلاحها بالطرق المشروعة ( القانون والأدوات الدستورية )، مع المحافظة على سلامة الدولة ومصالح الناس والسلم الإجتماعي.
كما أرى أنّ شعور بعض النواب بالعار أو الإساءة عند وصفهم بالمعارضة هو ( قصور في الوعي والفهم السياسي لطبيعة العمل النيابي، ومجاراة -فقط- للشعور العام والفهم الجمعي الخاطئ لمفهوم المعارضة