كفاءة مصرية تضيء مؤتمر الطاقة النووية بفيينا: الدكتورة صفاء عبده تقدم نموذجًا عالميًا لإشراك أصحاب المصلحة وتغيير الصورة النمطية عن الذرة
فيينا دعاء أبوسعدة
في لحظة تتقاطع فيها تحديات المناخ وأزمات الطاقة على مائدة البحث الدولي، أطلت الباحثة المصرية الدكتورة صفاء يوسف عبده على منصة المؤتمر الدولي حول إشراك أصحاب المصلحة في برامج الطاقة النووية المنعقد بالعاصمة النمساوية فيينا، لتقدّم للعالم رؤية علمية وإنسانية رصينة تعيد تشكيل العلاقة بين المجتمع والطاقة الذرية، وتؤكد أن المرأة العربية قادرة على خوض غمار أكثر الملفات التقنية تعقيدًا بثقة واقتدار.
في الجلسة الجانبية التي نُظمت مساء اليوم ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الذي يعقد في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الفترة من 26 إلى 30 مايو الجاري، طرحت الدكتورة صفاء ورقتها البحثية التي حملت عنوان
“مناهج التأثير الاستراتيجي لأصحاب المصلحة في انتقال الطاقة النووية إطار عمل هيكلي مبتكر (دراسة حالة)، مستعرضة نموذجًا متقدماً في بناء استراتيجيات التواصل مع الجمهور، وتغيير الصورة النمطية المرتبطة بالخوف من الطاقة النووية نحو إدراك جماعي يقوم على الشفافية والثقة والمعرفة.
من خلال منهج علمي تطبيقي، ركزت الدكتورة صفاء على أهمية التوعية الشاملة والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وضرورة إبراز جوانب الأمان والتقنيات الحديثة التي تجعل من الذرة أداة فاعلة في مكافحة تغير المناخ، وضمان أمن الطاقة وتعزيز التنمية المستدامة، مؤكدة أن تعزيز الثقة العامة يتطلب مشاركة فعلية من مختلف الجهات المعنية، حتى تلك التي لا تمتلك دورًا مباشراً في صناعة القرار.
وفي كلمة ألقتها ضمن فعالية نظمها برنامج “WiN Global” للمرأة في المجال النووي تحت عنوان “رأس المال البشري”، سلطت الدكتورة صفاء الضوء على الدور الحيوي للمرأة العربية في العلوم النووية، مستعرضة تجربتها في تصميم ورشة عمل تعليمية تفاعلية نُفذت خلال المؤتمر السنوي الحادي والثلاثين لمنظمة WiN Global في المكسيك العام الماضي، والتي تحوّلت إلى دراسة حالة مرجعية في إشراك أصحاب المصلحة.
تعمل الدكتورة صفاء حاليًا كـسكرتير تنفيذي للجيل الشاب في منظمة WiN العالمية، وعضوًا في مجموعة الخبراء الخاصة بالمنظمة، وتستعد لقيادة مبادرة “الطاقة النووية من أجل المناخ” خلال مؤتمر الأطراف COP30 في البرازيل، بعد أن شاركت في COP28 وCOP29. وهي حاصلة على درجة الدكتوراه في الفيزياء النووية من جامعة القاهرة عام 2020، بالإضافة إلى شهادات قيادية وتدريبية دولية، أبرزها من “التحالف العالمي لجامعات المناخ – GAUC”.
وسبق للدكتورة صفاء أن نشرت عدة أبحاث علمية في مجلات دولية مرموقة تناولت رصد التلوث البيئي بالنظائر المشعة والمعادن الثقيلة باستخدام أدوات وتقنيات تحليل نووية متقدمة، كما ساهمت في تطوير أدوات تدريب مبتكرة لمفتشي الضمانات النووية وضباط الأمن، باستخدام المحاكاة، ولعب الأدوار، وتقنيات التعليم التفاعلي.
وستشارك الدكتورة صفاء في يوليو المقبل في المؤتمر العالمي الـ32 لمنظمة WiN Global في لندن، حيث ستقدم ورشة عمل بعنوان: “التأثير الاستراتيجي لتمكين انتقال الطاقة”، إلى جانب عرض شفهي حول تطبيق نموذج كوتر لإدارة التغيير في الطاقة النووية، ضمن إطار جهودها المستمرة لتعزيز فهم الجمهور للطاقة النووية كوسيلة نظيفة وآمنة لمستقبل أكثر استدامة.
في زمن تتقاطع فيه تحديات البيئة، وتتنازع فيه الدول على مصادر الطاقة، تؤكد الكفاءات العلمية المصرية أن الحلول لا تخرج فقط من المراكز الغربية، بل تولد أيضاً من جامعات الشرق، وعقول نسائه، إذا ما مُنحت المساحة، وصعد صوتها في المنابر الدولية.
الدكتورة صفاء عبده، ليست فقط عالمة، بل صوت يحمل المعرفة والحكمة، من وادي النيل إلى مسارح القرار العالمي.
