فيينا تودّع السفير اللبناني إبراهيم عساف بحفل تكريم عربي… وداع الصوت المتّزن في زمن الاضطراب  

فيينا – دعاء أبوسعدة

0 0
مصر عرضى

في لحظة فارقة من مسيرة الدبلوماسية العربية، ودّعت العاصمة النمساوية فيينا السفير إبراهيم عساف، سفير الجمهورية اللبنانية لدى جمهورية النمسا والمندوب الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بحفل تكريم خاص نظّمه زملاؤه من السفراء العرب، تقديرًا لمسيرته المتميّزة وحضوره الدبلوماسي المتّزن الذي ترك بصمة لافتة في أروقة العمل الدولي.

وسط أجواء جمعت الدفء الإنساني بالتقدير الرسمي، وقف السفير عساف محاطًا بنظرائه في السلك الدبلوماسي العربي، الذين عبّروا عن امتنانهم واحترامهم لمسيرته، ليس فقط لما قدّمه للبنان من تمثيل مشرّف، بل أيضاً لما جسّده من قيم الحوار، والتوازن، والرصانة في مرحلة كانت الساحة الدولية، كما اللبنانية، تعجّ بالتوترات والتحديات المتسارعة.

على مدى سنوات خدمته في فيينا، كان السفير عسّاف صوتًا مدافعاً عن الدولة اللبنانيّة ومؤسّساتها الرسميّة وأجهزتها الأمنيّة الشرعيّة في أشدّ اللحظات حراجة، وذلك من موقعه كمندوب دائم للبنان لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو)، ومكتب الأمم المتّحدة المعني بمكافحة الجريمة والمخدرات، ومنظّمة حظر التجارب النوويّة، وغيرها من المنظمات الدولية في فيينا.

تميّز في أدائه بقدرة نادرة على الإمساك بخيوط الدبلوماسية المتشابكة، مدافعًا عن القضايا الوطنية بذكاء واحتراف، دون أن ينزلق إلى الشعارات أو الانفعالات، بل اختار دائمًا أن يكون جزءًا من الحل لا الصدى للضجيج.

ولم تقتصر بصماته على المنابر الأممية؛ فقد أولى اهتمامًا كبيرًا بالجاليات اللبنانية في النمسا، وفي كلّ من سلوفاكيا وسلوفينيا وكراواتيا بصفته سفيراً غير مقيم في هذه الدول الثلاث. وقد عبّر عن تطلعات اللبنانيين بلغة هادئة وثابتة، محافظًا على جسور التواصل، ومؤكدًا على أن البعثات الدبلوماسية يجب أن تكون بيتًا وملاذًا وحلقة وصل حيّة بين الدولة ومواطنيها في المهجر.

في كلماته الأخيرة، عبّر السفير عساف عن امتنانه العميق للتعاون الذي لقيَه خلال مرحلة خدمته في فيينا، مشيدًا بالعمل المشترك البنّاء الذي جمعه بزملائه في السلك الدبلوماسي والمنظمات الدولية، مؤكدًا أن خدمته للبنان ستستمر من خلال موقعه الجديد كمدير للشؤون السياسيّة في وزارة الخارجيّة اللبنانيّة.

إنه ليس مجرد وداع لوظيفة، بل تكريسُ فصلٍ من الحضور اللبناني المتّزن في المحافل الدولية. تترك مغادرة السفير إبراهيم عساف فراغًا محسوسًا في فيينا، لكن الأثر الذي خلفه سيبقى شاهدًا على دبلوماسية راقية في زمن الاضطراب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.