على مدار سنوات من العمل والتفاني، استطاع رائد الأعمال ماجستير”MBA” فراس سعد الدين، النمساوي من أصل سوري، أن يقتحم عالم الاقتصاد النمساوي ويترك فيه بصمة مميزة. ليس فقط من خلال نجاحاته كشريك مؤسس في عدة شركات، ولكن أيضًا من خلال دوره في تطوير التشريعات ودعم المشاريع الابتكارية والاستثمار فيه ك”Business Angel” . تميز سعد الدين بخبرته التي تزيد عن 25 عامًا في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة والاتصالات والإعلانات، وعمل مع شركات عالمية مثل “Nokia حاليا”Alcatel-Lucent وGenesys. نتابع في هذا الحوار جزءًا من رحلته وخبراته، وكيف تمكن من التأثير في ساحة الأعمال النمساوية بل وحتى في القوانين التي تدعم ريادة الأعمال.
سيد فراس، لقد حققتم إنجازات متعددة في الاقتصاد النمساوي. حدثنا عن دوركم في إدخال نوع جديد من الشركات إلى القانون النمساوي؟
نعم، كان لي الشرف أن أكون جزءًا من فريق العمل الذي أضاف نوعًا جديدًا من الشركات إلى قانون الشركات النمساوي، وقد تم إقرارها في البرلمان العام الماضي. هذا النوع الجديد يُدعى “فلكسيبل كابيتال جزيل شافت” (Flexible Kapitalgesellschaft)، ويهدف إلى تزويد رواد الأعمال بمرونة أكبر في رأس المال والإدارة، مما يسهل عليهم تأسيس وإدارة مشاريعهم المبتكرة. هذه الخطوة كانت مهمة جدًا لدعم بيئة الأعمال النمساوية، خاصة لأصحاب المشاريع الناشئة ” Startups ”، وتوفير مرونة قانونية جديدة تمكنهم من تنفيذ أفكارهم بإبداع و تخفيف البيروقراطية.
بجانب دوركم في تطوير المشاريع ، أنتم أيضًا مستثمر ومرشد في العديد من ورش العمل والمبادرات. ما هي أبرز التحديات التي تواجه أصحاب المشاريع المبتدئين في النمسا؟
التحدي الأكبر هو المنافسة العالية، فالسوق النمساوي صعب ولا يحتمل “الشطارة” بالمعنى التقليدي، بل يتطلب التخطيط والإعداد المحكم. دائمًا أنصح المبتدئين بالتحضير الشامل قبل التأسيس، بدءًا من كتابة خطة عمل واضحة ومدروسة تشمل الجدولة المالية والتسويقية. كذلك من المهم فهم طبيعة السوق النمساوي وعدم مقارنته بأسواق أخرى قد تكون مألوفة لهم. الكثير من العرب، على سبيل المثال، ينظرون إلى السوق هنا بنفس منظورهم لأسواقهم المحلية، وهذا خطأ شائع. هنا، السر في النجاح ليس مجرد التأسيس، بل دراسة السوق وتحديد ما يمكن إضافته فعلاً.
من ضمن الورش التي تقدمونها، حدثنا عن دوركم في ورش العمل للمهاجرين الناطقين باللغة العربية. ما هي أبرز الموضوعات التي تغطيها هذه الورش؟
نعم، بالتعاون مع وكالة الاقتصاد في فيينا نقوم بتقديم ورش عمل بانتظام، حوالي 3 إلى 4 مرات سنويًا، وتستمر كل ورشة حوالي ثلاث ساعات. الهدف هو دعم رواد الأعمال الناطقين بالعربية وتزويدهم بإرشادات شاملة عن تأسيس المشاريع في فيينا . نغطي في هذه الورش مواضيع متعددة تبدأ بتعريف أنواع الشركات المناسبة في السوق النمساوي وتفاصيل النظام الضريبي لكل نوع. كما نوضح أنواع التراخيص المطلوبة، مثل الرخص الحرة والرخص المنظمة التي تتطلب مؤهلات معينة. نسعى من خلال هذه الورش لتزويد المشاركين بمعلومات قانونية ومالية تساعدهم في تأسيس مشروعهم على أساس متين.
ماذا عن التأمين الاجتماعي؟ ذكرتم سابقًا أن هناك نقطة هامة حوله للمشاريع الصغيرة.
صحيح، التأمين الاجتماعي في النمسا أحد أبرز الأسباب التي قد تؤدي إلى الإفلاس إذا لم يكن صاحب العمل مدركًا لتعقيداته.
نحن نحرص على توضيح و تفصيل هذه النقاط في الورش حتى يكونوا مستعدين.
ماذا عن المشاريع الابتكارية التي تقدم خدمات أو منتجات غير متوفرة في السوق من قبل؟
الابتكار هو جزء هام جدًا من الاقتصاد الحديث، وأنا أعمل كمرشد للشركات الابتكارية “Startups”منذ 2016، وك مستثمر ” Business Angel “ منذ 2009 . الفكرة هي أن نقدم للسوق شيئًا جديدًا، سواء كان منتجًا أو خدمة، أو حتى نموذج عمل جديد. على سبيل المثال، هناك طلب على الشركات التي تقدم حلولًا للمشاكل البيئية أو الاجتماعية .
مثلاً بيئياً، الشركات التي تقدم الحلول لتحسين البيئة وتقلل من الانبعاثات الكربونية، كما في حال الاتجاه نحو السيارات الكهربائية.
و اجتماعيا مثلاً المشاريع التي تركز على معالجة التحديات الصحية والغذائية في المجتمع تجد قبولاً واسعًا، خاصة في ضوء تزايد الطلب على نمط حياة أكثر صحة واستدامة.
هل لديكم نصيحة أخيرة لرائد الأعمال العربي في النمسا؟
نعم، أقول لهم دائمًا النجاح الحقيقي يبدأ بتحضير جيد للمشروع، وفهم عميق للسوق المحلي”. كن واثقًا من قدراتك، لكن لا تنسَ أهمية العلاقات والشبكات الداعمة، و أهمية الابتكار والتأثير الإيجابي على المجتمع والبيئة ، فهذا ما يميز ريادة الأعمال في سوق شديد المنافسة كالسوق النمساوي.
بهذا اختتم ماجستر “MBA” فراس سعد الدين حديثه، مؤكداً على أن النجاح ليس محض صدفة، بل هو نتاج تحضير ودراسة دقيقة للسوق واحتياجاته، والعمل بروح الابتكار والالتزام