عُمان… وطنٌ يكتب تاريخه بوعي المستقبل ـ احتفال وطني مهيب في فيينا  

فيينا – دعاء أبوسعدة  

0 6

في قلب فيينا، حيث تتقاطع موسيقى الحضارة الأوروبية مع هدوء الذاكرة الشرقية، احتفت سفارة سلطنة عُمان باليوم الوطني المجيد في حفلٍ جمع بين رصانة الدبلوماسية وعمق الانتماء، وسط حضور رفيع من السفراء العرب والأجانب وقادة المنظمات الدولية ومسؤولين من الخارجية النمساوية، إلى جانب أبناء الجالية العُمانية ومجموعة من النخبة الإعلامية. وقد جاء الاحتفاء كمساحة يلتقي فيها التاريخ العُماني بزخم الحاضر، ليعيد إنتاج صورة بلدٍ يمضي نحو المستقبل بوعيٍ متزن وثقة ثابتة.

وألقى سعادة السفير يوسف أحمد الجابري، سفير سلطنة عُمان لدى النمسا والممثل الدائم بالمنظمات الدولية في فيينا، كلمة اتسمت بنبرة رصينة تجمع بين عمق التجربة العُمانية واتساع رؤيتها. استعاد فيها ملامح المسيرة الوطنية منذ تأسيس الدولة البوسعيدية، مؤكدًا أن النهضة المتجددة في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – ليست مجرد استمرار لمسار الدولة، بل هي إعادة تشكيل دقيقة لأساليب التنمية، وبناء الإنسان، وتحديث بنية الدولة بما يتوافق مع متطلبات القرن الجديد.

وتوقّف سعادته عند التحولات الواسعة التي تشهدها السلطنة في مجالات التعليم، حيث تتقدم المؤسسات الأكاديمية العُمانية في التصنيفات الدولية، ويُعاد تشكيل منظومة التعليم والبحث العلمي بما يجعل المعرفة حجر الأساس في تكوين الطالب والمجتمع. كما أشار إلى التطور الملحوظ في منظومة الابتكار، وتنامي المشاريع البحثية، باعتبارها بوّابة تُصنع من خلالها اقتصادات المستقبل.

واستعرض السفير كذلك ما تحقق في منظومة الحماية الاجتماعية من صياغة جديدة تُعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن، عبر تشريعات وبرامج تمتد آثارها من مرحلة الطفولة إلى الشيخوخة، إضافة إلى التطور المستمر في القطاع الصحي الذي يشهد توسعًا في الخدمات المتقدمة، وإطلاق مشروعات نوعية عززت من جودة الرعاية الصحية في السلطنة.

وأشار سعادته إلى أن البيئة والموارد الطبيعية تحتل موقعًا محوريًا في رؤية عُمان 2040، وأن البلاد تسعى لخلق توازن نادر بين التنمية والحفاظ على الطبيعة، بما يجعل الاستدامة خيارًا وطنيًا راسخًا لا مجرد توجه تنموي.

وتخلل الحفل أحاديث دبلوماسية عكست مكانة عُمان كدولة تنتهج سياسة خارجية هادئة وعميقة، تعتمد الحوار والبناء وتتعامل مع العالم بمنهج يتجاوز ردود الفعل إلى صناعة التوازن. وأجمع الحضور على تقديرهم للدور العُماني في ترسيخ قيم الاعتدال، وتعزيز الاستقرار الإقليمي، وتقديم صورة عربية نادرة تجمع بين الحكمة والواقعية.

وفي ختام الأمسية، بقيت فيينا تحمل في أروقتها صوت عُمان الهادئ… ذاك الصوت الذي لا يرفع نبرته، لكنه يفرض حضوره بثبات، وبحكمةٍ تنبع من أرضٍ تعرف تمامًا كيف توازن بين جذورها الراسخة وأفقها المفتوح على المستقبل

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.