حين تتحول الرحلة إلى لغة، والحنين إلى وطنٍ متنقّل، يولد كتابٌ يشبه صاحبه…
في عمله الجديد ( العالم بعيون كوردية ،النمسا نموذجا – اقليم شتايامارك) حينما يصبح الترحال هوية النمسا على مرايا القلب الكوردي”، يطلّ الشاعر والرحّالة بدل رفو من نافذة الأدب ليكتب النمسا كما لم تُكتب من قبل لا بعين السائح العابر، بل بعين المقيم المتأمل العاشق للشعوب والانسانية الذي يسكنه المكان ويسكن هو المكان.
الكتاب، الصادر في مدينة السليمانية ( كوردستان العراق – عام 2025، يقع في ٣٢٠ صفحةٍ من القطع المتوسط، تتوّجه مجموعة صورٍ ملوّنة بعدسة العشق والملاحظة، بإخراجٍ فنيٍّ أنيق من توقيع هريم عثمان.
إنه ليس دليلاً سياحياً ولا مذكّرات رحلات، بل قصيدة طويلة في الجمال الإنساني، تمتد بين جبال شتايا مارك الخضراء وجبال كاره ومتين التي تنبض في ذاكرة الشاعر.
بدل رفو، “سندباد الكورد”، يجعل من الترحال فلسفة حياة. يرى في كل طريقٍ مرآة، وفي كل وجهٍ حكاية. يكتب النمسا كما يكتب قلبه؛ بحبرٍ من الشوق إلى الموصل، وبلهجة مندفعة كينابيع غراتس، حيث يتعانق الشرق والغرب في صفحةٍ واحدة من الحنين.

في هذا السفر الأدبي، تمتزج الصحافة الدقيقة بالشعر الشفيف، لتولد لغة ثالثة، هي لغة الرؤية. كل مشهدٍ في الكتاب يمرّ متوّجاً بتأملٍ حول الهوية، الإنسان، والبحث الأبدي عن وطنٍ لا تحدّه الجغرافيا، بل تحدّده المشاعر.
“حينما يصبح الترحال هوية” ليس كتاباً عن النمسا فحسب، بل عن الإنسان أينما كان. إنه جسرٌ من الكلمات بين الألب وزاغروس، بين فيينا وغراتس والموصل ودهوك ، بين ما نراه وما نشعر به.
يقول رفو في كلمة تحمل عالما رومانسيا وحبا للآخر “كلّ سفرٍ هو عودة إلى الذات، وكل وطنٍ جديدٍ هو مرآةٌ لوطنٍ قديمٍ يسكنني.”
بهذا الإصدار، يضيف بدل رفو فصلاً جديداً إلى أدب الرحلات الكوردي المعاصر، مقدّماً عملاً يفيض بالحس الإنساني والجمال الشعري، كأنه يقول لنا جميعاً:
“تعالوا لنسافر على جناح الكلمة، فالأمكنة لا تنتهي حين نسكنها بالكلمات. ويهدي كتابه للنمسا وشعب النمسا هذا الجسر الثقافي ما بين الشرق والغرب !! العالم بعيون كوردية ، الجزء الثاني من منشورات مكتب الاعلام والتوعية للاتحاد الوطني الكوردستاني 2025

