بكر فتاح حسين… فارس الدبلوماسية العراقية يغادر فيينا تاركًا إرثًا من المجد والاحترام
فيينا دعاء أبوسعدة
حين يترجل فارس من صهوة الدبلوماسية، تبقى آثار خطاه محفورة في ذاكرة المحافل الدولية، شاهدة على مسيرة من العطاء والحكمة. هذا هو حال السفير العراقي في النمسا والمندوب الدائم للعراق لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بكر فتاح حسين، الذي اختتم رحلةً دبلوماسيةً مشرفة، رفع خلالها اسم العراق عاليًا في الساحات السياسية والدولية.
بكر فتاح حسين لم يكن مجرد دبلوماسي يؤدي واجبه، بل كان جسرًا للتواصل، صوتًا للعراق في قاعات الأمم المتحدة، ووجهًا مشرقًا في وزارة الخارجية النمساوية والمنظمات الدولية. بفضل حنكته ورؤيته الثاقبة، استطاع أن يرسّخ حضور العراق، ويعزز مكانته بين الدول، ما جعله يحظى بتكريمات دولية عديدة من مختلف الدول التي عمل بها.
لم يكن فقط ممثلًا رسميًا للعراق، بل كان سفيرًا للحكمة والاعتدال، يجيد فنّ الحوار، ويبني علاقات راسخة قائمة على الاحترام المتبادل. بحسّه الدبلوماسي الرفيع، جمع بين أصالة الانتماء لعراقه الكبير، وخصوصية جذوره الممتدة في أرض كردستان، فكان نموذجًا لرجل الدولة الذي يجمع ولا يفرق، ويبني ولا يهدم.
وبين أروقة السفارات وقاعات الاجتماعات، لم يكن بكر فتاح حسين مجرد دبلوماسي، بل كان إنسانًا محبًا لوطنه، قريبًا من زملائه، يحظى بمحبة الجالية العراقية والعربية في النمسا، حتى بات اسمه مقرونًا بالاحترام والتقدير. فليس غريبًا أن يخيّم الحزن في الأوساط الدبلوماسية لفراقه، وسط دعوات كثيرة لتمديد فترة إيفاده، نظرًا لما قدمه من إنجازات وما تركه من أثر لا يُمحى.
وفي لحظات الوداع، تتردد في الأذهان أبيات المتنبي وكأنها كُتبت له:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرُومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النّجومِ
لقد غامر السفير بكر فتاح حسين في شرف العمل الدبلوماسي، فكان نجمةً في سماء العراق، ورجلًا ترجل عن منصبه، لكنه لم يترجل عن صفحات المجد.
