الأثرياء الفلسطينيون: ثروات في الخارج… وصمت في زمن الحصار  

فيينا دعاء أبوسعدة

0 0
مصر عرضى

غزة تحترق.

تموت بصمت وتتنفس تحت الأنقاض.

الطفل يصرخ ولا يسمعه أحد.

المرأة تمسح دمها لتُطعم رضيعًا من فتات الصبر.

والعجوز لا تملك إلا أن تنتظر قصفًا قادمًا… أو عفوًا من السماء.

 

في هذا المشهد، هناك من يعيش في شقق زجاجية بأفق نيويورك، أو في قصور تُطل على الريفييرا، يبتسم في حفلة، يرفع كأسًا في منتدى، ويضع علم فلسطين على سترته فقط حين يُريد أن يذكر “أصوله”.

إنه الملياردير الفلسطيني.

ذاك الاسم الغائب في ساعة الحقيقة… والحاضر فقط حين يكون “الحنين” فرصة إعلامية.

 

هل تصدقون أن هناك أكثر من 100 ملياردير فلسطيني حول العالم؟

ثرواتهم تلامس السماء، لكن أفعالهم لا تمسّ الأرض.

يمتلكون شركات عابرة للقارات، حسابات مصرفية لا تُعد، طائرات خاصة، وجنسيات أوروبية وأميركية وعربية،

لكنهم لا يمتلكون الشجاعة لفتح حساب مفتوح باسم غزة.

 

أين هم من ركام البيوت؟

من المستشفيات المعطلة؟

من الأطفال الذين فقدوا أطرافهم، ومدارسهم، وأحلامهم دفعة واحدة؟

من الشوارع التي أصبحت مقابر؟

من الأمهات اللواتي يلدن في الظلام بلا دواء… بلا كهرباء… بلا ماء؟!

 

أين هم من وطنهم؟

لماذا لا يبنون مصانع، ولا يشيدون وحدات سكنية، ولا يُنشئون جامعة، ولا يفتتحون مركز أبحاث أو مستشفى؟

لماذا لا يُطلقون شركة نقل، أو محطة كهرباء، أو مشروعًا للزراعة أو التكنولوجيا؟

هل المال حلال فقط إن بُذل في وول ستريت، وحرام إن فاض على أهلهم في رفح وخانيونس؟

 

لماذا يتخفى بعضهم من الهوية الفلسطينية كما لو أنها مرض وراثي؟

لماذا لا نرى أحدهم يقول في وجه العالم أنا فلسطيني… وسأستثمر حيث يولد الحصار ؟

لماذا لا يحوّلون المنفى إلى ذراع إنقاذ، بدلًا من أن يحوّلوه إلى حائط عزل بينهم وبين وجع الأرض؟

 

هل قرأ أحدكم تحقيقًا صحفيًا يُتابع ماذا فعلوا؟

هل رأيتم مبادرة موثقة؟

هل أعلن أحدهم يومًا سأخصص 10% من ثروتي لغزة ؟

نحن لا نطلب المعجزات… بل الحد الأدنى من الوفاء.

 

الغريب أن أكثرهم يُجيد الحديث.

يلقي الخطب في المؤتمرات الدولية، ويتحدث عن الحق الفلسطيني ،

ثم يعود إلى فندقه الفاخر ويطلب من موظف الاستقبال أن يُنقّي له المياه.

يتحدث عن الكرامة، بينما يتجنب أن تُذكر فلسطين في بطاقة تعريفه أمام رجال الأعمال في الغرب.

 

لا نقول إن المال وحده هو الحل.

لكن المال صامتٌ فصيح، حين يُنطق في مكانه.

وهو أقوى ألف مرة من أي شتيمة تُطلق على منصة تواصل،

وأجدى من كل المانشيتات الممجوجة عن الوحدة والصمود.

 

المشكلة ليست في أن لديهم المال… بل في أنهم لا يملكون الإرادة.

ولا الشجاعة.

ولا الإحساس بالخجل حين تنزف غزة وهم ينظرون إلى السماء.

 

إن الملياردير اليهودي، رغم ما نختلف عليه، يُنفق أمواله لدعم دولته، جيشها، إعلامها، نفوذها.

أما الملياردير الفلسطيني، فيُنفق أمواله ليبتعد عن كل ما يُذكّره بأنه من هناك.

 

وهنا يكمن الخلل.

الاحتلال لا يُهزم فقط بالمقاومة، بل بالاقتصاد.

بالجامعات والمصانع والمطارات والموانئ.

بشبكة كهرباء قوية، بمزرعة، بشركة، بتكنولوجيا.

 

وغزة لا تحتاج فقط إلى من يصرخ باسمها… بل إلى من يعمل من أجلها، ويدفع من أجلها، ويخسر من أجلها.

 

أموالكم – يا أثرياء فلسطين – لا تساوي شيئًا إن لم تُنفق في ساعة الحقيقة.

وما أكثر تلك الساعات الآن.

في الختام، فلسطين ليست جواز سفر جميل.

وليست بطاقة تعريف رومانسية.

وليست فقرة في خطاب الأمم المتحدة.

فلسطين امتحان.

وغزة ورقة الإجابة.

إما أن تكتبوا عليها…

أو تُكتب عليكم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.