أوروبا تعيد رسم خريطة أمنها من فيينا… اجتماع وزاري حاسم في لحظة دولية فارقة
فيينا – دعاء أبوسعدة
في أجواء مشحونة بالترقّب الدولي وتحت سقف تطلعات متزايدة إلى خفض منسوب التوتر في القارة الأوروبية، شهدت فيينا اليوم انطلاق أعمال الاجتماع الثاني والثلاثين للمجلس الوزاري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، بمشاركة وزراء خارجية الدول السبع والخمسين الأعضاء، إلى جانب 11 شريكاً للتعاون.
وقد شكّل هذا التجمع الدبلوماسي الرفيع مناسبة محورية لإعادة تقييم المشهد الأمني الأوروبي في ظلّ ما يشهده من تحوّلات جذرية وتحديات متسارعة.
وجاء انعقاد الاجتماع في العاصمة النمساوية بدلاً من هلسنكي استجابة لرؤية جديدة داخل المنظمة تهدف إلى تقليل الأعباء اللوجستية والبيئية، في خطوة تُعدّ مؤشراً على رغبة جماعية في جعل العمل متعدد الأطراف أكثر فعالية واستدامة. ودعت رئيسة المنظمة، وزيرة خارجية فنلندا إلينا فالتونين، إلى هذا الاجتماع الذي وصفته بأنه لحظة مفصلية تتطلب أعلى درجات الحكمة السياسية والالتزام المشترك .
وخلال الجلسات الافتتاحية، ظهر بوضوح حجم الملفات الملحّة المطروحة على طاولة النقاش، بدءاً من التوترات السياسية والعسكرية في مناطق عدة، مروراً بأمن الطاقة والأمن السيبراني، وصولاً إلى قضايا حقوق الإنسان وحماية المدنيين. ويعكس هذا التنوّع في المحاور إدراك الدول الأعضاء بأن التحديات الأمنية باتت مترابطة ومعقدة، وأن معالجتها تستوجب تعاوناً يتجاوز الأطر التقليدية.
ويُعدّ المجلس الوزاري، بصفته أعلى هيئة لاتخاذ القرار في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، منصة رسمية لتقييم أداء المنظمة واستشراف اتجاهاتها المستقبلية. وفي ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، تبرز أهمية هذا الاجتماع في رسم ملامح المرحلة المقبلة، وتحديد الأدوات العملية القادرة على تعزيز الاستقرار وإعادة بناء الثقة بين الدول.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن نقاشات اليوم اتسمت بعمق غير مسبوق، خصوصاً فيما يتعلق بآليات منع النزاعات وتحديث أدوات الإنذار المبكر وتفعيل دور المنظمة في معالجة الأزمات الإنسانية المصاحبة للنزاعات. وفي ظل هذه الأجواء، يترقّب المجتمع الدولي مخرجات اجتماع فيينا، الذي قد يشكل نقطة انطلاق نحو مسار جديد يعزّز الأمن الإقليمي ويعيد التأكيد على أهمية الحوار كجسر وحيد نحو الاستقرار.
ومن المتوقع أن تستمر المشاورات غداً وسط آمال بأن تسفر عن توافقات تسهم في إعادة ضبط بوصلة الأمن الأوروبي في مواجهة التحديات الراهنة
